موجز لكتب رسائل النور
2024-08-13رسائل النور و بديع الزمان سعيد النورسي
2024-08-24سيرة بديع الزمان سعيد النورسي
ولد سعيد النورسي فى قرية نورس التابعة لقضاء هيزان لولاية بتلس في شرق الأناضول عام 1878 م ، حيث تلقى دروسه الأولى من أخيه الكبير والعالم عبد الله . وبدأ دراسته الابتدائية فى قرية طاغ وهو ابن ثماني أو تسع سنوات وأكملها فى مدارس عدة قرى حيث استغرقت هذه الدراسة خمس سنوات . وقد حصل على إجازة دراسية بعد أن أكمل مدة التدريس التي استغرقت ثلاثة أشهر في مدرسة الشيخ محمد جلالي في دوغو بيازيد شرقي الأناضول .
و نظرا لنجاحه فى المناظرات العلمية وللمستوى العلمي الرفيع الذي حصل عليه في شبابه وفهمه بسهولة للمواضيع التي هي في غاية الصعوبة وحفظه الكتب التي قرأها ، قام العلماء آنذاك بتسميته " بديع الزمان."
وقد أكمل خبرته العلمية التى حصل عليها في دراسة العلوم الدينية مع دراسته في شتى العلوم الطبيعية . كما تابع الصحف العثمانية واهتم بالتطورات الداخلية والعالمية . وبعد اطلاعه من قريب على المشاكل والصعوبات التي تعرضت لها المنطقة الشرقية للأناضول والتي وُلد وعاش فيها طفولته وشبابه توصل إلى قناعة بأن تلك المنطقة بحاجة ماسة إلى حملة تعليمية وتأسيس جامعة يتم فيها تدريس العلوم الطبيعية مع العلوم الدينية . وقد ذهب إلى إسطنبول سنة 1907 م للاستعانة بالسلطان عبد الحميد لتحقيق تأسيس تلك الجامعة حيث نجح في كسب ثقة العلماء العثمانيين هناك ، ولكن نظرا لموانع بيروقراطية لم يتمكن من الالتقاء بالسلطان نفسه.
وكتب الأستاذ العديد من المقالات في شتى المواضيع الدينية والاجتماعية والسياسية في أبرز الصحف العثمانية. واشترك في نقاش المشروطية (الدمقراطية ) والحرية الذي دار بين الرأي العام العثماني والأوساط العلمية. وتبنى المشروطية ودافع عنها من وجهة نظر إسلامية .
وعندما نشبت أحدات 31 مارس 1909 التي أدت إلى سقوط السلطان عبد الحميد عن الحكم ، قام بتسكين الأطراف وساهم بتهدئة الأوضاع. ورغم ذلك أحيل إلى المحكمة العسكرية العرفية ، غير أنه برّئ فيها. وبعد ذلك غادر اسطنبول ورجع إلى شرق الأناضول .
ولما نشبت الحرب العالمية الاولى كان الأستاذ بديع الزمان في ولاية وان ، حيث أسرع مع طلابه بتشكيل كتائب حربية مدنية واشترك فى الحرب ، وحقق معهم نجاحا كبيرا فى الدفاع عن الوطن حيث استشهد العديد من طلابه في سبيل ذلك. وقد جُرح ووقع أسيرا بيد الروس أثناء دفاعه عن ولاية بتلس . وبعد أن عاش ما يقارب ثلاث سنوات حياة الأسير في روسيا رجع إلى اسطنبول مرورا بوارشو و فينّا وصوفيا .
لقي الأستاذ استقبالا وديا كبيرا في اسطنبول من قبل رجال الدولة و أوساط العلم ، ومن ثم تم تعيينه عضوا في منظمة " دار الحكمة الإسلامية " التي تعتبر دار الافتاء العليا في الدولة العثمانية آنذاك والتي تضم كبارعلماء الدين المتخصصين . وأثناء تلك الفترة ومن الراتب الذي حصل عليه من العضوية ، قام بطبع كتبه وتوزيعها على المواطنين مجانا.
كما قام بتأليف وتوزيع منشور " الخطوات الست " في اسطنبول ضد الاحتلال البريطاني للمدينة ، وأفشل بذلك مخططاتهم الاحتلالية . كما رفض الفتوى الصادرة من شيخ الإسلام ضد القوى الوطنية المجاهدة في الأناضول والتي تعلن أنّ جهادهم هو " عصيان وتمرد على الدولة العثمانية " والتي تمّ إصدارها تحت الضغط البريطاني . وقد أصدر فتوى مضادة أعلن فيها مشروعية ذلك الجهاد . وقد نالت خدماته هذه تقدير المجلس الوطني الكبير المشكل في أنقرة وتم استدعاؤه إلى هناك بإصرار من قبل مصطفى كمال نفسه .
ذهب إلى أنقرة في أواخر سنة 1922 م وتم استقباله بحفل رسمي وحفاوة من قبل المجلس. وفي تلك الفترة التي قضاها في أنقرة رأى زعماء الدولة الجدد الذين تولوا الحكم متخذين موقفا سلبيا نحو الدين الإسلامي ، لذلك قام بكتابة بيان مكوّن من عشر مواد أشار فيه إلى التهلكة جراء ذلك الوضع ، كما قام بتوزيعه على أعضاء المجلس. ودعا مؤسسىي ذلك الانقلاب الجمهوري عَبْرهذا البيان لتبني وإحياء الشعائر الدينية . وفي إطار ذلك اجتمع مع مصطفى كمال عدة مرات ، حيث طلب منه الزعيم المذكور أن يقبل تولي منصب الواعظ العمومي فى المنطقة الشرقية للأناضول ومنصب نائب في المجلس الوطني ومنصب عضو في رئاسة الشؤون الدينية في حالة قبوله تلك الاقتراحات سيتم دفع راتب شهري له بمقدار 300 ليرة تركية وإعطاؤه منزلا فاخرا مستقلا للإقامة في أنقرة . (علما بأن الليرة التركية الواحدة آنذاك تعادل الليرة الذهبية.) لكنّه رفض تلك الاقتراحات الجذابة وعاد إلى ولاية وان الشرقية .
أثناء وجود الأستاذ بديع الزمان فى ولاية وان ، قام عالم بارز فى المنطقة الشرقية اسمه الشيح سعيد وأنصاره بالتمرد على السلطة التركية الجديدة في شرق الأناضول ، بسبب مخالفتها للشريعة الاسلامية. وقبل تلك الحادثة طلب الشيخ سعيد من الأستاذ النورسي أن يشترك معه ويساعده في التمرد . غير أنه رفض ذلك وحذّره من القيام بمثل هذه الأعمال التي تؤدي إلى نتائج سلبية يذهب ضحيتها العديد من الأبرياء. ورغم عدم تدخله في تلك الحادثة إلا أنّه تم القبض عليه في منزله فى ولاية وان وسِيق إلى قرية بارلا التابعة إلى ولاية إسبارطة الواقعة في غرب جنوب الأناضول مرورا بولاية بوردور حيث بدأ بخدمة الجهاد المعنوي وألف سلسلة من الكتب المتتالية تحت اسم (رسائل النور)، تفسر و تثبت الحقائق الإيمانية والإسلامية بأصول علمية حديثة .
ولاقت هذه المؤلفات إقبالا كبيرا من الشعب الذي يعتقد بأنّ إيمانه تعرض للتهلكة بسب قيام السلطة الحاكمة بإجراءات معادية للدين. وقد تم استنساخ هذه الكتب من قبل طلابه القرويين عدد 600 الف نسخة وتوزيعها سرا للراغبين في المدن والقرى .
وقد قلق زعماء السلطة من هذه الخدمة الدينية المغايرة لمخططاتهم اللادينية وقاموا بسوق الأستاذ
النورسي وعدد كبير من طلابه إلى محكمة أسكي شهيرعام 1935 و محكمة دنيزلى عام 1943 ومحكمة أفيون عام 1947 ومحكمة اسطنبول عام 1952 م . ولم يتوصلوا إلى أية نتائج من هذه المحاكم ولم يجدوا أيّة أدلة لتجريمه. ورغم ذلك لم يفرجوا عن الأستاذ النورسى وطلابه ولم يتركوهم للتمتع بحرياتهم . وأجبروهم للعيش تحت الضغط والمراقبة وعرّضوهم للمزيد من العذاب والظلم فى مدن قسطاموني و أمير داغ و إسبارطة .
ورغم تعرضه لهذا الاضطهاد والتعذيب الكيْفي وغير القانوني حتى آخر حياته ، نجح الأستاذ النورسي بمواصلة الخدمة الإيمانية بعزم وقام بتأليف كليات رسائل النور البالغ مجموع عدد صفحاتها 6000 صفحة. كما نجح بنشرها في أنحاء البلاد ، والآن تم انتشارها في العالم كله. هذه الكليات التي أثبتت وأوضحت حقائق القرآن وإعجازه بأسلوب يلائم فهم وإدراك العصر والتي تم تأليفها بإلهام رباني هي ثمرة حياته المليئة بالمحن والبلاء .